جاء تأسيس المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982 في ظروف بالغة التعقيد وفي ظل أوضاع ومخاطر تهدد اليمن أرضاً وإنساناً ، فتجلت الحكمة اليمانية بأروع صورها لتفاجئ العالم بإعلان مرحلة الحوار الوطني والتي إنبثق عنها ميلاد المؤتمر الشعبي العام ودليله الفكري والنظري الميثاق الوطني والتي إنظوت تحت لواءه القوى والمكونات السياسية التي كانت تعمل بالخفاء على الساحة اليمنية.
فكان ذلك إيذاناً بميلاد مرحلة جديدة ساعدت إلى حدٍ كبير في إيجاد حالة من الإستقرار السياسي والإقتصادي ووفرت أجواء ملائمة لوجود ديمقراطية ناشئة، ليأتي إعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية متوجاً لنضالات اليمنيين في شمال الوطن وجنوبه وجاءت التعددية السياسية كثمرة لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة وكانت تجربة متميزة وإيجابية رغم مارافقها من بعض الأخطاء من مختلف القوى السياسية سواءً كانت في الحكم أو المعارضة.
وجاءت أحداث العام 2011 لتلقي بضلالها الكئيبة على المشهد اليمني وتعمق حالة الإنقسام بين القوى المؤمنة بالثورة والجمهورية والتعددية السياسية، ليتم فيما بعد-بقصد أو بدون قصد-تقديم اليمن على طبقٍ من ذهب لقوى الكهنوت الإمامي السلالي التي كانت تتربص باليمن وتنفخ سمومها لتبث وتعمّق عوامل الفرقة والخلاف والصراع لصالح مشروعها الهدام وأهدافها الخبيثة والماكرة وصولاً إلى مرحلة الإنقضاض الكامل على مقاليد الحكم في البلاد لتقصي جميع الأطراف من المشهد.
بل ومن البلاد ككل في نتيجة طبيعية ومنطقية لسياسة اللعب بالنار التي مارستها كل الأطراف -بدون إستثناء- ضد بعضها في حالة من الغباء والحماقة والجهل بحقائق التاريخ الأسود والأفكار والمعتقدات الهدامة لهذه العصابات الكهنوتية التي جاءت إمتداداً لتلك القوى الظلامية التي اغتصبت الحكم اليمن في مراحل مختلفة مستغلة لحالة الخلافات والصراعات التي كانت تغذيها وتعمقها ليضل المجتمع اليمني متصارعاً منقسماً على نفسه ليخلوا لها الجو لممارسة أقصى درجات الإذلال والإستبداد والهيمنة على الشعب اليمني ومقدراته.
كما غاب عن تلك الأطراف المتصارعة الواقع السياسي البائس والمهين التي تعيشه البلدان الشقيقة الواقعة تحت سيطرة هذا الفكر الظلامي المتخلف كإيران والعراق وسوريا ولبنان .
واليوم وفي ظل الإوضاع التي تعيشها بلادنا من الحرب والاقتتال والدمار ونزيف الدم اليمني وتردي الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية فإن الأجدر بنا في المؤتمر الشعبي العام في المقام الأول أن ننبذ كل عوامل الإختلاف والقطيعة سواءً كانت في صفوف المؤتمر أو فيما بينه وبين بقية القوى السياسية والإجتماعية الفاعلة على الساحة اليمنية .
علينا أن نقتدي بجيل العظماء الذين سبقونا والذين تمكنوا من إخماد نار الإقتتال والإختلاف التي شهدتها اليمن في مراحل سابقة والتي تجسدت فيها حكمة أولئك الرجال وفي مقدمتهم الرئيس السابق الشهيد/ علي عبدالله صالح مؤسس المؤتمر الشعبي العام .
معركتنا اليوم يجب أن تنحصر بين قوى الثورة والجمهورية من جهة وبين قوى الكهنوت والتخلف والظلام المتمثل بالميليشيات الحوثية من جهة أخرى .
وإنني هنا وفي الذكرى التاسعة والثلاثين لتأسيس المؤتمر أناشد الجميع بوضع حد لحالة الشتات والتشظي التي يعيشها المؤتمر وتعيشها بقية القوى السياسية حتى يتجنب الجميع غضب الله والشعب ولعنات التاريخ وحالة التيه والتشرذم التي يعيشها الجميع والبؤس المخيم على حياة اليمنيين في كل مكان.. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
* عضو مجلس النواب - عضو اللجنة الدائمة
0 تعليقات