المرضى اليمنيون في مستشفيات أسيوط.. ألم وغربة لم يرحمهما ارتفاع الأسعار |
حالات عديدة بأمراض مختلفة؛ جاءت من وسط الدمار والحروب في اليمن إلى محافظة أسيوط للعلاج، حيث يعتبرونها أصل الطب وأفضل حتى من القاهرة، غير أن ظروف إقامتهم بمصر، لم تكن بعيدة عن المشكلات والأزمات، بدءا من ارتفاع أسعار تذاكر الطيران والفنادق والسكن بشكل عام، ومرورا بارتفاع أسعار الكشوفات لدى الأطباء والأدوية والعمليات الجراحية، وأخيرا صعوبة الإجراءات الأمنية المفروضة على دخولهم مصر، فضلا عن غربتهم بصحبة المرض وحده، وابتعادهم عن أوطانهم، بما يمثله ذلك من معاناة لم يداويها إلى الحب والقرب في الطباع الذي لمسوه من الشعب الأسيوطي، بحسب ما يؤكد مرضى مدينة حضرموت اليمنية الباحثين عن الشفاء في مصر.
حالات مختلفة
يقول محمد أحمد البحسني، 43 عامًا، من مدينة حضرموت اليمنية، يعمل في مجال السلامة المهنية بشركة المياه والصرف الصحي باليمن إنه قدم لمدينة أسيوط في يونيو 2005، ومعه شيقه الأكبر لإجراء عملية جراحية في “الركبة” للتقويم، واستقرا هنا لنحو 3 شهور ونصف، مضيفا أنه صحب والدته وأخيه الصغير بعد ذلك للعلاج هنا في أسيوط، برفقة أصدقائه، موضحا أنه موجود الفترة الحالية ومنذ 4 أشهر، لأجل إجراء عملية جراحية له فى الرقبة.
وقد يختلف سبب المجئ لأسيوط من أجل العلاج للشخص نفسه أو لمرافق، ومنهم من قد يجد الحضور مناسبا ليرى ما به من علة، وهو ما يمثل موقف محمد صالح بن طرش، 37 عامًا، محاسب بشركة خاصة في محافظة حضرموت اليمنية، حيث يقول “قدمت منذ أغسطس من العام الماضي، وكنت برفقة أختي أنا وزوجتي، لأن شقيقتي كانت تعاني من سرطان فى القولون، وبعد إجراء الفحوصات هنا، حدد لنا الدكتور ميعادا للعملية، ولكن شاء الله أن نكتشف أن الرئتين حدث بهم تجلط، وهو ما أعاق إجراء العملية، وازداد التجلط حتى فارقت الحياة في مطلع شهر يناير الجاري”.
ويذكر أن فترة استخراج شهادة الوفاة لأخته التي دفنت في أسيوط، استمرت لنحو 15 يومًا وهى إجراءات ووقت كبير، فستغل هذه الفترة لأجل الكشف له ولزوجته، من أجل الإنجاب، منوها إلى أنه يتابع مع أطباء نساء وأمراض ذكورة هنا.
“بعد فشل العمليات مرتين في اليمن، أصدقائي نصحوني بأسيوط” هكذا يرجع نعيم سعيد مفتاح، 37 عاما، أعمال حرة، من مدينة المكلا، سبب تواجده في أسيوط من أجل العلاج منذ نهاية عام 2011، مشيرا إلى أنه أجريت له عملية ناجحة بالفعل بعد وصوله هنا، وعاد لليمن بعد شهرين، ثم جاء مرة أخرى في 2013 وجلس لنحو 3 شهور و15 يومًا لمتابعة العملية، مؤكدا أنه موجود هنا منذ نهاية شهر نوفمبر العام الماضي، لأجل إجراء عملية تنظيف وتطويل للعظام.
أسيوط أصل الطب
ويروي عادل عمر محمد باني، 48 عامًا، موظف بمكتب العمل اليمني، قصته قائلا “منذ 35 يوما تقريبا، جئت أنا وزوجتي مرافقين لأختها التي تعاني من أورام بالبطن، ويرى أن أسيوط مقر الطب، وكل شئ ميسر هنا، والقاهرة لا تستطيع التروي في المعلومة التي تُقدم لك، ربما لحسن الحظ وجود باحثين يمنيين هنا”.
ويرافق حسن محمد البكري، أعمال حرة، من محافظة حضرموت اليمنية، 50 عامًا، ابنه الذي يعاني من انحناء في العمود الفقري، مشيرا إلى أنه منذ نحو شهر و20 يومًا، وهو موجود في أسيوط، وأجرى خلال هذه الفترة عملية جراحية لابنه، ويتبقى له نحو 15 يومًا، ويقول إن البلد هنا يشبه حضرموت، مؤكدا أنه سمع عن الطب في أسيوط من باحثين يمنيين حضارم، يقومون بإرشادهم على الأطباء وكيفية التحرك هنا.
معاناة زادت مع السنوات
وحول صور المعاناة التي يقابلها اليمنيون في رحلة بحثهم عن العلاج، يذكر محمد البحسني إنها تتمثل في ارتفاع أسعار العلاج، ويقارن بين الوضع منذ قدومه في 2005 والآن، مشيرا إلى أن إيجار الشقة كان تقريبًا 350 جنيها، والشخص الواحد في الفندق كان بحوالي 10 جنيهات، وكانت الغرفة كاملة بـ 30 جنيهًا، أما الآن فالوضع تغير فتتخطى الغرفة الواحدة نحو 120 جنيهًا، والشقة نحو 4500 جنيه في الشهر، وكشف الأطباء كان بـ80 جنيهًا، والآن يتجاوز الـ150 عند البعض، وبصل أحيانا إلى 250 جنيها.
وعن كيفية المعيشة بأسيوط، يقول إنه يعتمد على راتبه الشهري، بالإضافة لمساعدات الأقارب لاستكمال العلاج، ويسكن في شقة بمنطقة شعبية، مشيرا إلى أن إجراء العملية يكلفه نحو 18 ألفا و600 جنيه مصري، دون العلاج ومصاريف السفر والإقامة هنا، موضحا أنه يصرف في هذه الرحلة نحو 60 ألف جنيه مصري.
ويتفق حسن البكري مع البحسني في ارتفاع مصاريف الإقامة والعلاج، معلقا “لكوني أنا وزوجتي هنا برفقة ابننا المريض، اضطررنا لتأجير شقة مفروشة، يبلغ إيجارها الشهري نحو 4500 جنيه مصري، أي ما يعادل 81 ألف ريال يمني، بالإضافة للمستشفيات الخاصة ومصاريفها المرتفعة، مقدرًا نفقاته في الرحلة بنحو 11 ألف دولار أمريكي أي ما يعادل 204 ألف جنيه.
وحول سبب اختيار أسيوط لرحلة العلاج، يشير إلى أن الطلاب الوافدين كان لهم دور في توجيههم في الاختيار، منوها أنه على رغم ارتفاع أسعار المعيشة هنا مقارنة بالسابق، إلا أن أسيوط أكثر هدوءا وتوفيرا من الجانب المادي، بالإضافة إلى أن الأطباء مشهورين بالخبرة والطب، بجانب قرب طباع الأسايطة من طباع حضرموت.
ويشكو محمد بن طرش من ارتفاع أسعار التذاكر من اليمن للقاهرة، التى بلغت له وزوجته وشقيقته المتوفية نحو 3 آلاف دولار، والشقة التي يعيش فيها إيجارها يتجاوز الـ4500 جنيه، مشيرا إلى أنه يبحث عن شقة تكون أسعارها أرخص لتخفيف النفقات. وعن مصاريف العملية التي يود أن يقوم بإجرائها له وزوجته يقول إنها تبلغ نحو 25 ألف جنيه مصري، أو ما يعادل 450 ألف ريال يمني، داعيًا الله التوفيق من أول عملية.
ويرى نعيم أن الحياة والمعيشة في أسيوط أهدأ بكثير من اليمن، مضيفا “هنا يمكنني بـ 5 جنيهات شراء 2 كيلو برتقال أو خضار في حين أن في اليمن لا يكفي 500 ريال لنفس الكمية” مرجعا ذلك للطبيعة الزراعية في مصر بخلاف بلاده.
وانتقد نعيم مفتاح الإجراءات اللازمة لأجل السفر من اليمن لمصر، أهمها التقرير الطبي، وأيضا أسعار التذاكر، موضحا أنه استطاع الحضور للعلاج من خلال نفقات أهل الخير، سواء أكانت التذاكر، أو الأموال النقدية، وعن الإقامة يشير إلى أنه يقيم مع صديق يمني هنا للعلاج.
مطالب مشروعة
ويطالب محمد البحسني ببعض التسهيلات لليمنيين، خاصة في الجوانب المادية، فبعضنا من يبيع سيارته ومن يبيع منزله ومن يبيع أرضه أو ذهب زوجته، ومن يدان للآخرين، وكل ذلك لأجل علاج عزيز عليه، سواء أكان لابن أو أخ أو أم أو زوجة، فهو منهك من أمور كثيرة لذلك يجب مراعاة ذلك، مؤكدا أن اليمن يفتقر في بعض التخصصات للخبرات، بالإضافة إلى الأوضاع التي تمر بها البلد هناك، مطالبا بتسهيل بعض الأمور الطبية للقادمين أثناء تواجدهم بمصر.
أما محمد بن طرش فيرجو تسهيل الإجراءات الأمنية في حالة دخول اليمنيين للعلاج بمصر، بعيدا عن الشروط المعقدة، متمنيا أن يستطيع استكمال مجال دراسته التطبيقية في مجال المحاسبة بجامعة أسيوط.
في حين وجه نعيم مفتاح، رسالة للحكومتين اليمنية والمصرية، بتسهيل الطريق وإجراءات السفر، خاصة وأن البعض يعاني ماديا ونفسيا لأجل الوصول للعلاج.
---------------------------------------------
0 تعليقات