كتب/ صلاح الجودر
في ظل غياب السلطة الشرعية في اليمن عن
العاصمة (صنعاء) بعد العملية الانقلابية التي قادتها جماعة الحوثي وأنصار الرئيس
المخلوع علي عبدالله صالح حدثت مجموعة من الانتهاكات السافرة تحت أعين المجتمع
الدولي الذي أصدر قراره الأممي رقم 2216 والقاضي بنزع السلاح وعودة الشرعية وفتح
قنوات الحوار، فالعاصمة اليمنية (صنعاء) أصبحت ساحة للقتل والقصف والنهب والتشريد
على أيدي جماعة الحوثي والمخلوع صالح، حتى غدت الجرائم ملء الأسماع والأبصار.
حسب التقارير الحقوقية الأخيرة (16
أغسطس 2016م) فقد تم اعتقال أكثر من 60 شخصًا من المجتمع البهائي، بينهم أطفال لم
يتجاوزوا الخامسة عشرة من أعمارهم، دون أن توجه لهم أي تهمة رغم نداءات المنظمات
والهيئات الحقوقية بإطلاق سلاحهم، فقد استهدفت الجماعات الحوثية في صنعاء العشرات
من المجتمع البهائي (أقلية دينية) كانوا يتجمعون في ورشة عمل شبابية لهم، وإن كانت
الاعتقالات فردية في صنعاء فإن الأوضاع قد دفعت بالحوثيين إلى مطاردة البهائيين
واعتقالهم بشكل جماعي بهدف تحجيمهم بالمجتمع اليمني.
إن تاريخ البهائيين في اليمن يعود إلى
خمسينيات القرن الماضي، وعددهم يتجاوز الألفين حسب مصار البهائيين أنفسهم، وبعيدًا
عن معتقد البهائيين أو طريقة عبادتهم، وهذا شأنهم في حرية المعتقد فإنهم قد تعرضوا
إلى الاضطهاد الديني والسياسي عبر تاريخهم، بدءًا من إيران التي تعتبر الموطن
الأصلي للبهائيين قبل أن يتحولوا إلى مدينة حيفا بفلسطين المحتلة عام 1868م إلى
اليمن وبالتحديد (صنعاء) التي يتواجد فيها حاليًا أتباع مشروع ولاية الفقيه
التوسعي.
إن الأنباء القادمة من اليمن تؤكد على
أن هناك سوء معاملة وتعذيب للمعتقلين البهائيين، ومنها الضرب والصعق الكهربائي
بحسب تقارير منظمة هيومن واتش، وجميعها انتهاكات سافرة للأقلية البهائية، وعند
المقارنة بين أعمال الحوثيين وأنصار المخلوع صالح من جهة وبين ممارسة النظام
الإيراني تجاه الطائفة البهائية نجد أنها صورة مستنسخة عبر التاريخ، وكأنه عداء
متوارث للبهائيين، من حيث عملية الاعتقالات والتهم الملفقة وأساليب التعذيب
والمطالبة بعدم ممارسة عباداتهم، بل ومطالبتهم بالتوقيع على تعهدات بعدم ممارسة
المعتقدات، الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من الشخصيات الدينية التي استنكرت تلك
الأعمال، فاختلاف المعتقد لا ينبغي أن يبرر الظلم والتعدي على الحقوق المكفولة
شرعًا وقانونًا.
إن أتباع البهائية قد تعرضوا إلى
الاضطهاد الديني في إيران منذ نشأتهم، فقد أعدم منهم على أيدي نظام طهران أكثر من 200
من زعمائها، لذا فالصورة متشابهة بين طهران وصنعاء التي ترضخ تحت احتلال الحوثيين
والمخلوع صالح، لذا يستصرخ العالم لإنقاد أتباع المجتمع البهائي من اعتداءات أتباع
إيران في اليمن.
إن حرية المعتقد ليست شعارًا يرفع
ولكنها ممارسة على الأرض، وهذا ما أكد عليه ديننا الحنيف حين قال: (لا إكراه في
الدين)، من هنا فإن أتباع البهائية لم يتعرضوا في الدول العربية لمثل ما تعرضوا له
اليوم في اليمن، وهو اضطهاد ديني قادم من إيران في حق أقلية دينية، لذا فإن المجتمعات
المتحضرة هي التي تراعي الأقليات الدينية، ومن شاء أن يرى ذلك في أجمل صورة فإن
البحرين تتمتع في العهد الزاهر لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمساحات من حرية
المعتقد، والبهائية في البحرين مكون أصيل لهم كل الحقوق الدينية والمدنية
والسياسية كبقية المواطنين، حتى غدت البحرين واحة الديانات والمذاهب والثقافات.
الايام البحرينية
0 تعليقات