بقلم / فراس اليافعي
مع استمرار الظلام الذي خلفه انقلاب 21 سبتمبر، وانقطاع العلاقات الخارجية لليمن، استطاعت الدبلوماسية في العام 2016، أن تكون الضوء الذي أنار عتمة الوطن والمواطنين في الداخل والخارج، بعد أن أحيت هذا السلك الخصب، وأعادت اليمن إلى الواجهة مجددا، معبرة عن طموحات الشعب، وموضحة حقيقة ما يجري في البلاد.
فمن أجل الوطن، كثفت الدبلوماسية اليمنية من نشاطها، وكشفت للعالم مغالطات وتعنت الانقلابيين، والتشويه والتعتيم الذين انتهجوهما، فاصطفت الدول العربية جميعها خلف اليمن، كما عملت على استمالة الدول التي اتخذت موقفا حياديا، أو دعمت ببعض مواقفها الحوثيين.
وتمكنت الدبلوماسية اليمنية، بعد أن بنت قاعدة قوية من الإصلاحات والتجهيزات، أن تنطلق في مجال العلاقات الثنائية والمنظمات الدولية، فاستطاعت الاستمرار في الحشد لموقف الحكومة الشرعية، وتثبيت المواقف الدولية المؤازرة لها، فضلا عن نشاطها في إيصال رسائل اليمنيين للعالم، الذين يتمسكون بالمرجعيات المعتمدة دوليا، من اجل أن يعيشوا بسلام في وطنهم، والذين يرفضون مشروع الانقلابيين الذين لا يأبهون لمعاناتهم، ويرغبون باستمرار الحرب.
وفي الوقت الذي تحمل فيه يد السلاح، لتحمي اليمنيين وأطفالهم من القصف العشوائي، والقتل الهمجي، وحصار المدن الذي يقوم به الانقلابيون، هناك مقابلها يد أخرى تكتب التقارير والبيانات، وتفاوض وتعقد اللقاءات لرفد الوفد الحكومي في مشاورات السلام، للوصول إلى سلام حقيقي للجميع ودائم، فارتفع صوت اليمن عاليا، بينما ظهر وفد الانقلابيين مجرد عصابة، لا يستطيع أفرادها المتناحرين، أن يحافظوا حتى على التزام يقدموه في المشاورات.
استطاعت وزارة الخارجية اليمنية، وموظفيها، وبعثاتها البلوماسية في الخارج ، بقيادة الوزير عبدالملك المخلافي، وبرغم هذه الظروف الصعبة، العمل مع محيطها الإقليمي والدولي بشكل محترف، فاستصدرت وبشكل مستمر بيانات التأييد للشرعية التي يقف خلفها اليمنيون، وبيانات الإدانه للانقلابيين، والذين عملوا بدورهم وبنشاط عجيب أيضا على نفس الهدف، فتكشفت نواياهم أمام العالم، واثبتوا رغبتهم في الحرب وسفك الدم اليمني، كما تمكنت الوزارة أيضا، من الإبقاء على اليمن كقلب للأمة العربية، حين لم تتغيب عن الفعاليات المهمة، كالقمة العربية التي تعقد دوريا.
انقضى العام 2016، واليمن يعزز تواجده في دول العالم والمحافل الدولية، في أصعب الظروف التي تعيشها الدولة، فشهد قفزة هائلة تمثلت في تعيين سفراء لليمن في مختلف دول العالم، مثلوا كل الشرائح كالمرأة والشباب وغيرهم، وهي الخطوة التي تعرقلت لسنوات طويلة، وسببت شللا حقيقيا للسفارات اليمنية والسياسة الخارجية، فقامت اليمن بتفعيل سفاراتها حول العالم، وتجاوزت الخارجية كثير من المعوقات، بعد أن كانت الكثير من القنصيلات على وشك إغلاق أبوابها.
أما المواطن اليمني في الخارج، فقد وجد ولأول مرة منذ انقلاب 2014، أن هناك من يستمع لشكواه، بعد أن فتحت وزارة الخارجية، ولأول مرة قنوات للتواصل ولإيصال صوتهم وشكواهم بصورة سريعة، مستخدمة وسائل التواصل الحديثة للتواصل، ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت تتلقف شكواهم أينما كانوا، فلم تسمح لعالق في المطار أن يبقى طويلا، أو لنازح من الحرب أن يعاني أكثر، فأعادت حقوقهم، وسعت إلى توفير كل متطلباتهم، أبرزها الاستجابة للطلاب المبتعثين، والذين قطع عنهم الانقلابيون رواتبهم.
كانت الخارجية اليمنية، هي نافذة اليمن للعالم الخارجي، فأعادت كرامة الإنسان اليمني، التي أهدرتها المليشيا الانقلابية، عقب إشعالها للحرب، والاستمرار في تقويض فرص السلام، واستمرار اعتدائها على بعض دول الجوار، كما لم ينسَ الكثير من اليمنيين، الجهود التي قامت بها من أجلهم في السعودية، بعد أن وقفت إلى جانبهم لترتيب أضاعهم، وإصدار جوازاتهم، فأصبحوا يعملون وبصورة نظامية انتظروها سنوات طويلة، لا تجعلهم يتلفتون خوفا من القبض عليهم وترحيلهم، وساعدوا أنفسهم وأسرهم في اليمن التي تذوق الأمرين جراء هذه الحرب
لقد كشف لنا العام المنصرم، أهمية الدور الذي قامت به الدبلوماسية اليمنية، فاليمن لن تخرج من الدوامة التي يجرها الانقلابيون إليها، إلا بذراع المقاتل وذراع المفاوض، وبهذين الذراعين يمكن أن نرى الوطن الذي حلمنا به.
وبالرغم من حملات التشويش ومحاولات الابتزاز، فإن وزارة الخارجية لم ترضخ لذلك كله، واستهدفت مصلحة اليمن واليمنيين، وبذلت الكثير من الجهود التي لا يدرك أهميتها إلا متابع، يدرك جيدا حجم الخطر الذي كان يتربص بوطننا، وحجم الصعوبات التي واجهها هذا السلك الدبلوماسي، نتيجة لإعادة بناء الدولة من جديد، بعد أن سقطت صنعاء، فكان 2016 عام نجاح الدبلوماسية، بعد أن شاهدنا نتائج العمل المتواصل والتضحيات، التي قدمها منتسبو الوزارة، وكانت بحق الضوء الذي بدد الظلام الذي خيم فوق اليمن منذ قرابة عامين.
---------------------------------------------
0 تعليقات