لبنان : إستقالة الحكومة أمر مُستبعد ورئيس الجمهورية يرفض إخراج صهره من الحكومة !

لبنان : إستقالة الحكومة أمر مُستبعد ورئيس الجمهورية يرفض إخراج صهره من الحكومة !

شبكة حضرموت ويب | متابعات : 
يبدو جازماً حتى الآن أن استقالة الحكومة أمر مستبعد، مقروناً برفض الحريري مجازفة الإقدام على خطوة كهذه تحت وطأة ضغوط الشارع، ناهيك برفض رئيس الجمهورية - رغم ما أوحى به في كلمته الخميس - التعاطي مع استقالة الحكومة على أنها حدث في ذاتها فُرض عليه، أضف تعاطي الحراك معها على أنها أول سلم مطالب لا سقف لها. عند هذا الحد تقاسم رئيس الجمهورية وحزب الله الشكوك في ما يتوخاه مطلب إسقاط الحكومة: إطاحة العهد بدءاً بأبرز رمز يمثله هو الوزير جبران باسيل مثالاً وأنموذجاً.

أول أسباب رفض رئيس الجمهورية إخراج صهره من الحكومة، الدور الذي يضطلع به إلى جانبه على أنه أكثر من وزير. معاونه الرئيسي ودينامو عقله السياسي الجدلي وكاسحة الألغام التي يواجه بها خصومه، قبل أن يُقال الذي يأمل في خلافته له. لذا بات باسيل، في الحكومة السابقة كما في هذه لكن مع فاعلية مضاعفة، الوزير الأول وندّ رئيس الحكومة في قيادة السلطة الإجرائية. أضحى الرجل أقرب إلى «ناظر الجمهورية» الذي لا غنى عنه للرئيس.

ثانيها، ليس خافياً أن باسيل نال في الحراك الشعبي الحصة العظمى من اللعنات والشتائم والسباب والاتهامات والتشهير والإهانات والتصوير الكاريكاتوري وكل مظاهر الغضب، إلى حد أضحى أي تفكير في تعديل حكومي يوجب حتماً إخراجه هو قبل سواه، وإخراجه الحتمي. بذلك تصبح الخيارات المطروحة مربكة: أي تعديل حكومي لا يشمل باسيل لن يُرضي الشارع، وأي تعديل يبدأ به لن يوافق عليه الرئيس وسيعدّه اعتداءً مباشراً عليه يستهدفه هو بالذات، ويرمي إلى توجيه صفعة قاسية إلى عهده.

ثالثها، أخذاً بشعار «كلن يعني كلن»، ليس باسيل وحده المدعوّ إلى الخروج من الحكومة الحالية، بل كذلك وزراء بري والحريري وحزب الله ووليد جنبلاط والتيار الوطني الحر وتيار المردة، الذين يمثلون في الواقع توازن القوى الصلب النافذ منذ اتفاق الدوحة (2008) الذي لا يتزحزح. موازين القوى هذه ليست ابنة الحكومة الحالية، ولا هي من صنع ولاية عون منذ عام 2016، بل لا تزال نافذة تبعاً لقواعد اشتباك سنّي - شيعي نشأ مع اتفاق الدوحة ولا يزال سارياً، ويتعذر تقويضه ما لم يُفرض انهياره بالقوة. هذا التوازن يُدعى «حكومة الوحدة الوطنية» التي يتمسك الرؤساء الثلاثة بها، كما القوى الرئيسية الممثلة في الحكومة التي تأخذ في الاعتبار قوتها التمثيلية.

العامل الجديد المستجد، الوحيد، في هذا التوازن، منذ بدء ولاية عون، هو استئثاره بالحصة الرئيسية المسيحية وإقصاء أفرقاء مسيحيين اعتادوا الانضمام إليها بأحجام متفاوتة. لعل استقالة وزراء حزب القوات اللبنانية التي لم تُحدث أي ضجة ولم تُعطَ أهمية تذكر، كأنهم لم يكونوا في الأصل في الحكومة، تُقدّم دليلاً إضافياً على أن رئيس الحزب سمير جعجع ليس في عداد قوى ذلك التوازن، ولا هو شريك في المعادلة السياسية، ولا محل حقيقياً له بين أولئك الشركاء. مجرد التفكير في الاقتصاص من هؤلاء جميعاً على أنهم - في نظر الشارع - فاسدون او مفسدون، لكنهم يمثلون في واقع الأمر ميزان التوازن السياسي، يُفضي إلى الاستنتاج البسيط والسهل: لا سلطة سياسية من دونهم.
رابعها، لن يوافق حزب الله على خيار إخراج باسيل من الحكومة لدوافع لا تمت بصلة إلى كل الجدل الدائر حالياً بين الشارع والطبقة الحاكمة، كما بين قوى الاحتجاج الشعبي. في معزل عن مآخذه على أداء رئيس التيار الوطني الحر في كثير من المفاصل والملفات، ينظر حزب الله إليه على أنه خط الدفاع الأول عن رئيس الجمهورية الذي هو خط الدفاع الأول في السلطة وحيال الخارج عن المقاومة وحزب الله. في حال كهذه لا تعود المقاربة، بالنسبة إلى الحزب، مرتبطة بأزمات معيشية واقتصادية ونقدية وحاجات إنمائية، بل تتخذ بعداً سياسياً حاداً ومقلقاً تصبح المقاومة معه هي المستهدَفة إذ يكون عون هو المستهدف بغية إضعافه وتقويض عهده. لا محالة عندئذ من أن ينظر حزب الله إلى النيل من رئيس الجمهورية على أنه انقلاب سياسي خطير بكل المواصفات التي يبتهج لها خصومه الداخليون وأعداؤه الخارجيون. 

وهو ما عناه بوضوح تام الأمين العام لحزب الله أمس.



جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة حضرموت ويب © 2018 - 2019 


إرسال تعليق

0 تعليقات