قصة حب وقلبين
بقلم : أمل حجازي
امتلأت القاعة عن أخرها، ساد الصمت الأجواء، بدأت العيون كلها
تتجه نحو المنصة حيث يجلس هو. كل الحضور آذان صاغية، تتأهب لحديثه الجذاب الذي
يخطف به الأسماع بمجرد أن يبدأ. كان يعرف
أن له تلك الجاذبية الأخاذة، فمن يستطيع مقاومة كلماته التي يملأ بها الكتب؟ كان يعرف
أنه له سحر خاص؛ فهو يجمع بين حلاوة اللسان، واتزان العقل، ورجولة المظهر.اعتدل
الكاتب الانيق في جلسته وابتسم ابتسامته الساحرة للحضور الكبير. مر سريعا بعينيه
عليهم، ولكنها كانت هناك! من هي هذه الجميلة التي تنظر إليه مباشرة وتأبى أن ترفع
عينيها من عليه؟ من هي تلك التي يراها دائما؟
تأتي مبكرا لتجلس في الصفوف الأولى تنتظر أحاديثه ومحاضراته في كل مرة. ولكن،
لماذا هو متهم؟ فطابور المعجبات طويل؛ ولكن ثمة شيء يجذبه إلى هذه المرأة.
بدأ في الحديث وبدأت الأسئلة تلاحقه من كل الحاضرين، تارة عن
كتابه الأخير، وتارة عن مشروعاته الأدبية القادمة، وتارة عن حياته الخاصة التي لا
يحب أن يتطرق إليها كثيرا، فالغموض الذي يحيطه بحياته يضفي عليه سحرا لا مثيل له.ولكنها
لم تسأل...!! كان يتمنى أن يسمع صوتها، كان يريد أن يربط صوتها في عقله وبين هذا
الجمال الهادئ وتلك والرقة المحببة جدا إلى قلبه. ولكنه سرعان ما كان يؤنب نفسه
حتى على هذا الخاطر الذي يجول في عقله. كيف لرجل في اوائل الخمسينات مثله أن يفكر
في امرأة أخرى؟ لعله مجرد اعجاب. كيف سيسمح له وقاره وكيف ستمنحه هيبته حق التفكير
بها؟ ...لكنه لا يدري لماذا هذه المرة بالذات تمنى " في سره" أن يعيش
تلك القصة التي كانت تطوف في عقله.
انتهت المحاضرة، وانتهى حديثه؛ الذي لم يكن يريده أبدا أن
ينتهي...هل سترحل الآن؟ ليس ثانيا! هل ستختفي مثل كل مرة ولن يراها إلا في حديث
قادم أو محاضرة قريبة؟ ماذا حدث له؟ هل من نظرة إعجاب سقط صريعا في هواها؟ وقف الجميع
ليسلموا على الكاتب الكبير، بعضهم اقترب منه ليلتقطوا معه صورا تذكارية. تشوش فكره
بهذا الزحام وتلك الضجة. وبإبتسامته الجذابة، وبكل حرارة أخذ يرحب بالجميع. واقتربت
كل الأيادي لتسلم على كاتبها المفضل، وفجأة من وسط كل الأيادي الممدودة ظهرت له!! هل
حقا هذه هي؟ هل هي قريبة مني إلى هذا الحد؟ كم هي جميلة عن قرب. ومد يده ليسلم
عليها وعيناه التي كانت ترقص فرحا لم تكن تفارق عينيها. لم يكن بحاجة لأي لغة
ليتحدث، فعيناه كانت تتحدث لغة بمفردها لا يفهمها إلا هما. قالت له كلمتين فقط:
" أنا معجبة جدا بك"...غرق بعدها حتى أذنيه في شبر ماء الحب! لا تسألني ما الذي حدث؟ فله كثير من المعجبات،
وكلهن يقلن نفس الشيء، ولكن لأنها هي؛ فالأمر مختلف. وانتهى هذاالسلام بينهما،ولكن لم تنته القصة،فقدوضعتقصاصةصغيرةمن
الورق في جيبه قبل أن ترحل.
رحلت دون أن يعرف حتى
اسمها، رحلت دون ان يرد عليها، رحلت قبل أي شيء، رحلت دون ان يعرف أن في جيبه ورقة
صغيرة منها. يا ترى ماذا بها؟؟
يتبع.......

الآراء في هذا القسم لا تعبر عن وجهة نظر الموقع فهي تعبر عن وجهة نظر كاتبها
0 تعليقات